الفصل الخامس


الفصل الخامس

الرغبه

دائما ما تراودك الرغبه في الحصول علي شئ بغض لنظر عن كونه خطأ أم لا , بل بالعكس قد يكون الحصول عليه حاجه الي اثبات ذاتك , رغبه لا يضارعها قويَ توقفها حتي لو كانت جميع طرقك ملتويه .

***

بعد ما إنتهينا من التصافح والانتشاء تركتهم وذهبت نايحه البقال خارج حدود الكلية لأشتري "كانز" عصير وهناك قابلت مني صديقتي القديمه , لقد تعرفت عليها في السنه الأولي لي بالكلية ولكننا افترقنا في السنه التاليه عندما التحفت بقسم أخير غيري ومن وقتها ونحن تقريباً نتقابل قدراً في أي مكان فسلمت عليها وأخذنا نذكر بعضنا بالسنه التي قضينها سوياً , وهنا سألتي مني عن محمود ناصر زميلي وعن مدي معرفتي له , أنا أعلم من هو محمود ولكن لما هذا السؤال أجابتني علي استحياء بأنها تود الارتباط به وهنا تكمن مشكلة كبري , لم يكن محمود مجرد شاب أناني متسلط بل كان أيضا أحد أهم الوشاه لدي الحرس الجامعي , بل كان مشهورا بالتعالي والغطرسه , محمود كان دائما حين تتاح له الفرصه او لا تتاح ... يروج لسياسه الحكومه في قمع اي محاوله لإبداء الرأي , محمود له طابعا خاصا فهو ليس مجرد عصفوره "جاسوسا" بل كان نازيا في فكره, لم يكفيه نقل الاخبار فقط بل أيضا معول هدم لأي فكر بنائه مهما كانت اتجاهها .

في بدايه الأمر راودتني فكره أن أصرح لها بما أراه في محمود وأن أخبرها بأنه عصفور الحرس ولكن صداقتي لها منعتني من ذلك لخوفي الشديد من فقدها فهي من نظراتها متعلقه به أو حتي أنها قد تتمادي عناداً معي لذا تركت لها حريه الاستكشاف داخل جنبات هذا الشخص البائس , مني كانت من أشد المؤيدين لفكره اضراب إبريل وإني لذلك أيضا , ولكني كنت دائما لا أفصح بهذه الفكره لأحدٍ سواها ولكني حذرتها جيداً من التحدث أمام أي شخص وهي حقا لم تفعل .

لم تتحدث أمام أي شخص بل تحدثت مع محمود فقط , تحدثت مع الشخص الوحيد الذي لا يجب أن يعلم , لقد كان لدي الشك ولا يزال في ان تلك الوشايه هي السبب في عدم نجاح مني ذاك العام وأكيد هي السبب في إنفصالها عنه وهي السبب أيضا في مضايقه الحرس لي إحدي الأيام , في البدايه كان المضايقات العاديه ... اذ أوقفني ذاك العسكري و أراد ان يري كارنيه الكليه ....

فاخذت نفساً عميق ووضعت يدي في جيبي وأخرجت الكارنيه وأعطيته اياه فنظر اليه قليلا وعاد بالقول " انت منين يا فاروق ؟؟؟ "

فاخبرته ولم يكتفي بذلك بل اخذ يطرح بعض الاسئله البسيطه وأعطاني الكارنيه وقال تفضل بالدخول ,

ولكن الغريب كان باليوم التالي عندما أوقفني عسكري أخر وأخبرني أن قائد الحرس يريد مقابلتي ... صراحةً , للوهوله الأولي ارتبكت وهالني بعض الخوف الذي تبدد عندما عقدت حاجبي وقلت له ما السبب للطلب فاخبرني بقصه واهيه عن توصيه أحد الاصدقاء المقربين له علي و فذهبت معه إلي قائد الحرس وقد كان .

***

دخلت عليه المكتب , كان يجلس علي كرسي من الخشب المطلي فاخر الطراز الذي اعتقد انه صناعه يدويه ومكتبه كان فخما له حليه جميله رأيت مثله في إحدي إفلام عادل امام , كان ممسكا بالهاتف يحادث أحدهم فنظرت له كاني ألقي عليه السلام بعيني وجلست علي الاريكه المقابله له ,في البداية أخذت أستحضر صوراً من فلم إشاعه حب لا أدري لماذا ولكن بعد فترة أخذت أتذكر فلم اسماعيل يس في البحرية والجمله الشهير " شغلتك علي المركب بروروم " وضحكت في سري بابتسامه خافته , كانت المكالمه طويله أخذه فيها يتبحلق فيه وكأنه يدرسني عن قرب ولم أعيره اهتمام وأخذت أندهش من روعه مكتبه ,.. لم يكن واسعا ولكن كان يحتوي علي الكثير من الاشياء الجميله والزخارف وأنا أتجول بعيني أرسلت ابتسامه صغيره عندما رايت التلفاز ... وتذكرت ذاك الحلم البسيط الذي راودني في المرحله الإبتدائيه حيث أنني اخذت وعدًا علي نفسي بأنني عندما أشتغل سأشتري تلفاز و أضعه في مكتبي ..... ياتري هل كان لقائد الحرس مثل هذا الحلم الصغير ؟ هل كان يحلم في الماضي قبل ان يلتحق بالشرطة ؟ أم إن حلمه كان يقتصر علي هذا الوظيفه فقط ! بل قل هل مازال حلمه هذا يراوده حتي الان ؟ أم ان شغله كضابط قتل ذاك الحلم !!!

" ازيك يا فاروق " قالها مقاطعاً تفكيري العميق " تعالي هنا ... انت قاعد بعيد ليه ؟ " فاخبرته أني أردت له حريه التحدث في الهاتف ثم قمت وجلست علي كرسي بجوار المكتب , كان جلد الكرسي ناعماً جدا ومريحا جدا حتي أنه أشعرني بالنعاس , في البدايه كان الكلام عاديا جدا عن أخبار الدراسه وحالي ولكن ما أصابني بالدهشه أنه أصر علي معرفه المضايقات التي تراودني يوميا و هل يضايقني الحرس في الدخول او لا , بالطبع أخبرته عن تلك الاحتكاكات مع الحرس وافعالهم الروتينيه الزائده , و بالطبع اخذ يردد أهميه ذلك وأن هذا من حقهم كجهاز أمني ولكنه لم يتحدث قط عن أنهم أصلا لا يحق لهم التواجد بداخل الحرم الجامعي سوي في الحالات الخاصه ... بل لما قد يتحدث عن ذلك والهاجس الأمني يجول بالبلد كلها وكننا لسنا مصرين , وكننا من بلد آخري يجب التعامل معنا بحذر , لا أظن أن تلك الإرهاصات حقيقية فأنا أخاف أكثر منه علي كليتي ولا أريد أن أرها في حاله غير منطبطه ولا أعتقد أن هناك من الزملاء من لايريد ذلك وإن كان يوجد قله قليله لن يكون لها تاثير يذكر .

بعد قليل من المحادثه الصغير التي تهدف إلي إكسابي الثقه والحريه معه أخذ يسأل عن أسماء المحاضرين ومد يده إلي تلك المقلمه الخشبيه وأمسك بقلم رصاص وأخذ يكتب ذلك علي قطعه ورق معلقاً بعد كل اسم أذكره له بمدي تعاطف هذا المحاضر أو قربه منه بشئ من السخرية أحيانا ,وبعد أن انتهيت بدأ في السبب الفعلي لتواجدي هناك ..., لقد قال من المقدمات مايكفي لذا اخبرني بها واضحه دون التواء " ان شاء الله لو عملت اللي أنا عايزه هريحك في دراستك وهنبقي حبايب "

ثم عقب " اعتبرني أخوك الكبير " وأخرج ورقه مكتوب عليها ثلاثه ارقام هواتف

" اول رقم ده رقم المكتب هنا والتاني ده رقم البيت والتالت ده رقم المحمول " , لقد قرأت سلفاً بعض من الصفحات الموجودة علي الشبكة العنكبوتية التي تختص في علم قرأة الشخصيات من خط اليد وبالطبع كعادتي أخذت أدقق في تفاصيل الحروف من تقارب أسنان حرف السين واستطالة كأسها وقصرالألف وميوعه الياء والأرقام التي تشابه كثيراً أرقام المحاسبين حاولت أن أعرف من تلك الحرف مدي دهاءه وسطحيته أيضاً رأيت فيها كم هو متخبط لايعلم من أمره إلا القليل وقد زادني تلك الملاحظات ثقةً في نفسي وفي نفس الوقت كنت أنظر إليه وأري شفتيه تتحرك ولكن لم أكن مستمعاً لما يفيض به كثيراً , المفروض أني في حاله احتياجي لاي شئ مهما كان أتصل به وأخبره بل مجرد أن أرن عليه وهو سيهاتفني هذا ما قاله , أخذت أحملق في الأرقام الثلاثه وهو يكمل كلامه عن كيفية مساعدتي ... من تسهيل الامتحانات او حتي انجاحي فيها ثم ردد " بس المهم انك تختار انت معايا او لا ؟!!" في بدايه الأمر لم أفهم ولكن عندما وضحت لي الصوره علمت أني غاية في الغباء ,كيف لم استطيع أن استشف مجاز الكلام ... نعم بالطبع كان يريدني أنا الآخر جاسوساً ....

بعد أن تحدث عن مميزات هذه الوظيفه وأهميتها في الحفاظ علي الأمن العام وعن عواقب الرفض ومشاكله , ترك لي حريه الأختيار في أن أغدر بأصدقائي لأعيش رغيدا أو أحافظ علي نقائي وأعيش تعيساً .....

الاختيار صعب و النتائج المترتبه علي الاختيار أصعب .

في بداية تفكير أخذت أفكر في أنه من الممكن أن أضرب له أخبار تضر عصافيره الأخرى وأستفيد من المميزات ولا أضر بأحد , ولكني رجعت وقلت أنه من الممكن في يوم من الأيام أن أشي بأحد الأصدقاء كنوع من الإنتقام لاقدر الله اذا إختلفنا بعض الوقت .

بعد أن غطت في التفكير ثلاثه أيام استطعت أخيراً أن أحسم الموقف وساعدني في ذلك كلمه قالها إمام المسجد الذي كان يتحدث عن المسكرات فقد قال كلمه كانت لي الضربه القاضيه علي التفكير " الحكم أن تحريمه أن مايسكر منه برميلا فنقطه منه حرام " لقد كانت تلك الكلمات بسيطه وشافيه للتفكير القاتل ... بالفعل لو نقلت بعض الكلمات الصغيره عن بعض الزملاء , تلك الكلمات قد تكون غايه في السذاجه ولكنها في النهايه تعتبر وشايه مهما كانت ضئالتها بل لو فعلت هذا ما الذي يمنعني من التخاطب مع أجانب والتجسس لهم علي بلدي , الشكل مختلف ولكن المبدأ واحد في كلا الحالتين أنا أبيع الشئ الغالي الخالد بالرخيص الفاني ...

ياله من بيع خاسر !!! ويا خساره من باع ومن اشتري .

قد يكون هذا النهج الذي إتسم به ما يطلق عليه جهاز أمن الدولة أو في رواية آخري جهاز أمن اللصوص , نعم فهو لايحمي سوى السارقين والغاصبين ... ولاتفهمني خطأ فما كان اللصوص الذين أتحدث عنهم ممن يسرقون البنوك أو حتي متاجر الذهب لا فهؤلاء أطفال , أنا أتحدث عن لصوص سرقوا من الناس كلها , سرقوا الأحلام قبل الأموال سرقوا الأفكار والجيوب لم يتركوا شيئاً للزمان بل قاموا بدور الزمان , نثروا الملح علي أرضنا الخصبة كما فعلها الرومان من قبلهم

الفصل الرابع


باب الحديد

في " البنش " الذي يليني يجلس هاني وعبده دائما ما يتحدث هاني عن فكره الجديد الذي يسعي جهدا لعمل حزب لهذا الفكر ويطلق عليه اسم قمة في الغرابه الحزب النازي الإسلامي أنا أعلم أنه استقي فكرة هذا من حبه الجم لأدولف هتلر وهل يستحق أدولف الحب لا أدري فكثيرا ما نسمع عن عبقريته الحربية وجرأتة ولكن من ناحية أخري نقرأ قصص عن مدي تكاسله وديكتاتوريته , أنا لا أكره ولا أحبه ولكني أستغرب من الفكر الجديد الذي أراه يقترب من فكر الحزب الوطني وبالرغم من تركيز المحاضر في التنقيب عن من تُسول له نفسه بالحديث إلا أن هاني يترسل في شرح لفكر الحزب لعبده الذي لا يكتثر لا لهاني ولا لفكر وقد لايعرف من هو أدولف هتلر فهو حديث المجنون للأصم كم .

الكثير من التناقضات تجدها بين ثنايا الطلاب فأمامي تجلس لميس وبين يديها احدي روايات عبير المهلهله من كثره التداول ولكثره البحث عن الرومانسيه المطلقه الغائبه عن اللوحه العامه لحياتها وبجانب سامي يجلس محمد يتناول صفحات الرياضة في الجريده اليوميه ليري التحليلات المنطقية والغير طبيعية لأحداث المباراة المرتقبه غدا وأنا بعد حديثي القصير مع سمير أخذت الصفحه الثانيه من محمد لأشرع كعادتي في حل لغز " السودوكو " حتي تنتهي فترة العقاب هذا ويذهب هذا المحاضر إلي .........

وبالرغم من انتهائي من الحل لايزال الكثير من الوقت باقي فيغالبني النعاس وأصحوا علي رتب سمير علي كتفي وهو يقول : يلا يا برنس المحاضره خلصت قوم نلحق نجيب كانز بسرعه قبل ما الكابتن اللي بعده يدخل .

*******

فلم باب الحديد ذهب المؤلف الي نهايه ورديه الي حد ما , حيث بعد ما أوضح لنا مدي فقر تلك الطبقه الاجتماعيه ومدي تفشي الامراض النفسيه أخرجنا من مشاهده الدراما والسرد الدقيق للشخصيات الي الحركه السريعه في محاول القتل الاول ومحاوله قتل البطله هند رستم والتي بالطبع نجح المؤلف في اخراجها من المازق سليمه ودون ادني خدش ليرتاح البطل فريد شوقي بالنهايه السعيده مع البطله ولكن هنا وفي تلك اللحظه أوعز الكاتب بفكره لو تسابق اليها كثيرون لما استطاعو ان يؤتو بها ...

المجرم المطرب عقليا , وهنا تكمن العبقريه , فبالطبع تحول الكثير من المجرمين العتاه تلك الايام الي مطربين عقلياً ,دائما ما يسعون الي الفساد وفي النهايه تقفل قضيه فسادهم الي مطرب عقلي كمعظم السفاحين وهنا يطيح عقلي بالاسئله هل كل المجرمين مطربون عقليا هل يجب معاقبتهم علي هذا النحو ؟ هل يجب معالجتهم اولا ؟ وهل يجب معاقبتهم بعد العلاج أم أنهم أصبحو ذو عقل سليم لايستحق العقاب .

*******

في منتصف اليوم الدراسي وبعد عناء ومشقه دئما ما أرغب في تناول كوب الشاي مع صديقي العزيز سامي نجلس سويا نتناقش في اي شئ بل أحيانا كثيرة في السياسه ولكن اليوم كان هناك موضوع جديد قد تكون تلك اول مره نتحدث فيها عنه .

- فاروق ! ايه رأيك في اننا ننشأ جمعيه

قالها سامي وهو مبحلقاً في السماء شارد الفكر ؛

- جمعيه ايه ؟! نلم فلوس يعني ...

- بقولك ايه يا فاروق بلاش دور المسطول دلوقتي , اقصد زي جماعه

, منظمه , حزب ؛ أي حاجه زي كده .

- اممم , ايه رائيك في جماعه ذو الياقات الحمراء

ثم أردفت ضحكه وتابعت كلامي

- ولا اقولك خليها الصفراء علشان التي شرت اللي انا لابسه

- سامي : لا انا مش هتكلمك معاك دلوقتي , انا عارف لازم تشرب الشاي علشان تصحصحلي , اتنين شاي يا محمد

أخذت أستسقي منه الكلام وهو يرفض حتي جاء الشاي وارتشفت منه شربه وحينها قال :

- حزب يكون هدفه ان واحد منه يبقي رئيس البلاد

القاها علي أذني ولكني تابعت هزليتي

- وأنا هبقي القائد والمفكر والمدبر والمقدام وكل ده , امممممم, انا موافق

- انا بقول واحد , بس مش زي ما انت قولت , لا علشان يبقي رمز ويخلي الناس فعلا هما اللي يحكموا نفسهم يزرع الحريه و يرعي الفكر المضاد , يكون سند للغلبان وقاهر للظالم .

وقفت وأخذت أصفق ثم جلست وحينها بدأ سامي في اظهار حنقه مني وأطبق علينا الصمت حتي انتهيت من كوب الشاي وعندها تحدثت له ولكن هذا المره بجديه

- انا فاهم انت قصدك ايه وعلي فكره سهل قوي انك تعمل حاجه زي كده حتي لو في السر بس السؤال بيقول هل تعتقد ان فيه فعلا أمل ان حد بيحب البلد بجد يتولي أمرها هل تعتقد ان فيه واحد يعمل اي حاجه لغيره في الوقت اللي في ايده السلطه المطلقه لعمل كل شئ هل في زمنا واحد بيحب الناس اكتر ما بيحب نفسه أنا شخصيا لا اعتقد , بل هل ممكن إن حد يثقك في شخص ويديله الحكم المطلق أنا هنا هستشهد بالمثل اللي بيقول المال السايب بيعلم السرقه بس هغيره وأخليه الحكم المطلق بيعلم الديكتاورية .

- ايه السواد ده , طيب فين الامل اللي انت كنت ديما بتكلم عنه ولا خلاص لحد هنا ومفيش .

- الامل موجود ... , ليت المطالب بالتمني ولكن تأخذ الدنيا غلابا , بس انت عارف ان اللي انت بتتكلم فيه ده ممكن ياخد سنين طويله قوي وعايز حاجات كتير وضمانات أكتر .

- علشان كده انا بتكلم معاك ... علشان عايز أغير الوضع اللي حولي وعلشان عارف انك الوحيد اللي ممكن تبدا معايا ... ايه رأيك فكر وبكره نكمل كلامنا .

- وليه بكره نكمل دلوقتي انا طول عمري وانا بحلم ان اصلح حاجه من الغلط الكتير اللي انا شايف بس المشكله ان من كتر الغلط اللي حولنا تعودت عليه وبقي روتين وخايف اني لما ابدا أغيره أحنله وأرجعه تاني زي مابيقولو في الترجمه مثل الأيام الخوالي ؛ وبعدين تعالي هنا هو حضرتك معتقد إنك هتقدر خلال سنتين تلاته تغير فكر بلد ... هه هه . دول تمنين مليون يا حضرة يعني لو واحد بيحب يشرب قهوة ساده اللي جنبه بيحبها سكر زياده .

- بس فيه أمل

- أكيد فيه أمل بس مش لينا لأحفدنا , انت عارف علشان تخلي الناس متخافش من الديموقراطيه وتبدأ تطالب بيها دي ممكن لوحدها تأخدلها عشر سنين.

- مش للدرجه يا فاروق !!! , الناس مخنوقه ومش طايقه ونفسها تغير .

- تصور وهي دي الناس اللي برضه بتقول اللي تعرفه أحسن من اللي متعرفوش .

- انت معايا ولا غاوي تهبطني وخلاص .

- لا أنا مش بهبطك , أنا بس عايزك تعرف ان الحكايه دي محتاجه عمري وعمرك وعمر ولادنا .

- وايه يعني أهو في يوم من الأيام ممكن أشوف حفيدي وهو بيترشح للرئاسه علي الرغم من انه فلاح ابن فلاح .

ارتسمت علي شفتي ضحكه صفراء ثم تابعت

- انت عارف الفرق بين الايام دي وأيام الملكيه ؛ إن أيام الملكيه كان النظام ماشي بأن علتين هما اللي ممشين البلد ؛ أما الأيام دي بقوا تلاته .

- ينعي مبدئيا انت معايا .

- انها مشيئه الرب يا هذا .

- طيب ... بموود العصور الحجريه اللي انت عايش فيه ده .

- انا لغتنا العربيه

ثم شردت برهه لم أدري ما كان يتمتم سامي خلالها لأقاطعه قائلاً

- ايه رأيك نخليها من أساسيات الحزب .

- اللي هي ايه ؟!

- التحدث باللغة العربية الفصحي أثنا التحاور بين الأعضاء وخلال الاجتماعات الرسميه .

- تصور فكره جميله ... إنها حقا لفكرة رائعه

- نعم نعم ولتكن هذا أولى مقومات الأعضاء إجاده اللغة العربية الفصحي

- فليكن , الموافق علي هذا المشروع يتفضل برفع يده ؛ موافقه .

في تلك اللحظات هجم علينا هاني المفكر النازي كما يحب أن يطلق علي نفسه ولكنه يببرها بأنها نازيه علي اليهود فقط وليست علي الشعوب المسلمة .

*************

هاني من الشخصيات المرحة المتسلطة أحيانا يذكرني كثيراً بصديق الطفولة عمرو اذ كانت ولا تزال تجمعنا صداقه جميله قد يكون السبب الأول فيه يرجع لبنت جميله اسمها جميلة اعتدنا علي حبها سويا في أيامنا الأولي عندما كانت البرآة هي صفتنا , صرنا سويا نحبها , حب لايشوبه أي مصالح حب لمجرد الحب , علي شرفها صرنا نحفظ بعض الأغاني الرومنساية لعمرو دياب وبالرغم من أننا بنفس المدرسة لم نتعرف علي بعض إلا من خلالها لأننا كنا أكثر اثين يضايقاها بالمدرسة لذا سهل علينا أن نلتقي أيضاً علي شرفها عند غرفة الناظر لننال العقاب , تلك الأيام التي طالما تذكرتها من حين لأخر .

*************

قال هاني : انتو بتصدقوا علي ايه ؟! أنا عايز .

رد عليه سامي : عايز ايه ؟ هي فته .

فعقبت عليه : ايه يا سامي متسيبه ياخد معانا أهو نبدأ نجند أعضاء

سامي : أعضاء ايه مش لما نحط اللوايح الأول

هاني : لوايح ايه أنا مش فاهم فهموني علشان أنا مبحبش أكون حمار

قلت : فهمه يا سامي ده برضه مننا وعلينا ومش م العصافير

هاني : كده يا أبو فاروق أخرها تساويني بالعصافير

أنا : لا والله مش قصدي أنا بس بوضح الصورة لسامي

سامي : بص يا عم هاني ! الموضوع وما فيه أننا بصدد انشاء جمعيه سرية هدفها السيطرة علي مقاليد الحكم والزج به الي قارورة الديموقراطية , وأول بنودها أن اللغة العربية الفصحي هي لغة التحاور بين الأعضاء والمستخدمة في كافة أنشطتها

هاني : اممممممممم , ويحَكم , أنا أول الأعضاء ولتسجل تلك اللحظة في أرشيف الجماعة .

أنا : وبصفتي الرئيس الأول أعلن سامي المستشار الأول وهاني المستشار الثاني .

سامي : مبدأيا أعلن موافقتي ومبايعتي .

هاني : فليكن .

هاهنا وقفنا نحن الثلاثه وأخذانا نصافح بعضنا البعض وبنا شئ من نشوة الفائز بالرغم من أننا لم نتحرك بعد من أماكنا .

*************